"أوقفوا الإبادة"... نداء من ناشطة سودانية إلى العالم

دعت الناشطة السودانية أميمة شين، إلى تفعيل التضامن العابر للحدود لوقف الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب السوداني منذ عام 2023، تحت أنظار العالم وصمته المريب، مشددة على ضرورة الوقوف إلى جانب السودانيات، إذ يخاض النزاع على أجسادهن.

زهور المشرقي

تونس ـ أكدت الناشطة السودانية أميمة شين، على أن البلاد في أمس الحاجة إلى دعم دولي وإقليمي وإفريقي فعال، على غرار القوافل التضامنية التي تتوجه إلى غزة، مطالبة بتضامن أممي مماثل مع الشعب السوداني المحاصر، لكسر جدار الصمت والخوف، ولإيصال أصوات الضحايا إلى العالم.

أوضحت الباحثة في قضايا الجندر والناشطة النسوية السودانية أميمة شين، أن السودان يعاني من سلسلة حروب ونزاعات طويلة، آخرها النزاع الذي اندلع منتصف نيسان/أبريل 2023، والذي دمر مؤسساته وهجرت شعبه.

وترى أن التضامن العالمي لا يجب أن يكون انتقائياً خاصة في ظل التواطؤ الدولي والصمت تجاه "عربدة" القوى المسلحة في السودان التي "لا تختلف" عن العدو الذي يحمل نفس دم الضحية، مشيرةً إلى أن الشعب السوداني يرزح تحت معاناة مركبة، تتفاقم يوماً بعد آخر، في ظل غياب التغطية الإعلامية الكافية لانشغال العالم بما يجري في غزة.

أما النساء، فتصف وضعهن بـ "الكارثي" حيث تعانين من جوع، نزوح، عنف جنسي ممنهج تمارسه أطراف الصراع كوسيلة لإذلال الأحرار من النساء والرجال "انتهاكات فظيعة لم تحرك ساكناً في العالم، أين العالم من قهر النساء في السودان؟ بين الجوع والتهجير والتفقير، يحاولن النجاة والاستمرار وسط صمت يوجع أكثر من الرصاص".

وأشارت إلى أن الانتهاكات الجسيمة التي تعانيها النساء في السودان وتفوق الوصف، تحتاج إلى تضامن نسوي وحقوقي دولي لإيقافها وتقديم الجناة للتحقيق والمحاكمة العادلة حتى يكون هؤلاء عبرةً لكل من تُسولُ له نفسه أن يمارس ذلك الإجرام بحق النساء بشكل عام.

ودعت أميمة شين إلى التضامن مع السودانيات لزيادة الوعي النسائي بقضاياهن وحقوقهن ودعوتهن لعدم قبول العنف أو الصمت إزاء ما يعشنه من فظائع بشكل يومي.

وعن أهمية القوافل التضامنية للسودان، قالت "يمكن للحملات التضامنية أن تلعب دوراً حيوياً في تعزيز عمليات السلام، عبر زيادة الوعي بالقضايا الإنسانية والسياسية، والضغط على الحكومات لاتخاذ قرارات حاسمة لوقف النزاعات، كما تساهم في تقديم الدعم للمتضررات من الصراعات، وتفعيل قرار مجلس الأمن 1325 الخاص بحماية النساء ومنع العنف ضدهن خلال النزاعات المسلحة".

وأضافت "التضامن الدولي ضروري جداً لخلق ضغط فعّال على طرفي النزاع من أجل معالجة الوضع الإنساني المتدهور وضمان حماية النساء في ميدان النزاع"، مؤكدة أن النساء يواجهن تحديات كبيرة نتيجة النزاع والكوارث الناتجة عنه كالكوليرا التي تحصد حياة آلاف النساء والأطفال، علاوة على العنف الجنسي الذي يفتك بهن ولا يعرفن كيف يهربن منه بسبب الفوضى المستمرة التي لم تتمكن أي جهة من إيقافها.

وتطرقت إلى غياب المأوى الذي يحفظ كرامتهن كنساء لهن احتياجات مختلفة وحساسة "انتكاسة كبيرة تعشنها النساء تحتاج إلى وقفة حقيقية، لا يعقل أن يستمر القتل والتهجير والعالم يشاهد ويصمت".

أما بخصوص أوضاع اللاجئات السودانيات في دول الجوار، فأشارت إلى أنهن يواجهن ظروفاً قاسية في بيئات غير مألوفة تعاني من البطالة، وندرة الموارد، وارتفاع تكاليف المعيشة، ورغم جهود بعض الدول المضيفة لتوفير الحد الأدنى من الاحتياجات، إلا أن الواقع لا يزال بعيداً عن تلبية الكرامة الإنسانية.

فقدت اللاجئات الشعور بالأمان، والمأوى، وحقوقاً أساسية مثل التعليم والرعاية الصحية، وحُرمن من سُبل العيش الكريم، في ظل غياب أي برامج فاعلة لتمكينهن اقتصادياً أو دمج أطفالهن في المدارس. ووصفت أميمة شين الوضع بأنه انتهاكٌ صارخ للحق في الصحة والتعليم والعيش الكريم، وهو ما يتطلب تدخلاً أممياً عاجلاً لا يكتفي بتقديم المساعدات، بل يعيد للاجئات إنسانيتهن وصوتهن.

وحول سعي الحركة النسوية إلى المشاركة الفاعلة في اللقاءات السياسية ومبادرات السلام، أكدت أن تغييب النساء لا يأتي من فراغ، بل هو نتيجة لبنية المؤسسات السياسية والمجتمعية التي يهيمن عليها الرجال، سواء تعلق الأمر بالأحزاب أو منظمات المجتمع المدني، فهذه البُنى تُعيد إنتاج نفس نمط الإقصاء، حيث يتم حصر التمثيل في الصفوف الأولى للرجال، بينما يُقصى الصوت النسائي من مراكز صنع القرار والتفاوض.

وأضافت أن هذا التحدي يتعاظم مع الأدوار المزدوجة التي تتحملها النساء، سواء في المجال الإنجابي أو الاجتماعي، ما يجعل حضورهن في مفاوضات تتطلب تفرغاً تاماً أمراً بالغ الصعوبة، مطالبة الجمعيات النسوية بوضع آليات دعم تُمكّن النساء من أداء أدوارهن المتعددة دون تغييب صوتهن عن طاولات القرار، لأن السلام الحقيقي لا يُبنى بدون مشاركة نسائية عادلة وشاملة.

وعن سبل إشراك النساء في المشهد السياسي والاجتماعي، شددت على أهمية دعم التنظيمات النسائية وتمكينها من الوصول إلى مواقع القيادة واتخاذ القرار، مؤكدة على ضرورة تعزيز التضامن بين النساء أنفسهن، وتأسيس شبكات نسوية قادرة على كسر جدار الخوف والصمت، الذي فرض عليهن لعقود. فالمعركة، كما تقول، ليست فقط في مواجهة أنظمة القمع، بل أيضاً في مقاومة ثقافة الإقصاء والتهميش داخل المجتمعات.

أما على المستوى الاقتصادي، فقد أكدت أن النساء كن في قلب العاصفة، حيث فقدت كثيرات مصادر رزقهن بسبب النزاع والأزمة الاقتصادية الخانقة "هذا الواقع يفرض ضرورة التفكير في خلق بدائل اقتصادية حقيقية، تمكن النساء من ضمان القوت اليومي، خاصة في سياقات النزوح واللجوء"، مؤكدة على أهمية إطلاق برامج شاملة للتدريب والتعليم المهني، تفتح أمام النساء آفاقاً جديدة للعمل، وتعزز من قدرتهن على الصمود والاستقلال الاقتصادي.

وفي ختام حديثها، شددت الناشطة السودانية أميمة شين على ضرورة مساندة النساء السودانيات في معركتهن من أجل البقاء، في ظل تصاعد حدة النزاع واتساع رقعة الانتهاكات.